معادن الرجال حين تحين الفعال !!!


في صباح ذات يومٍ هزنا خبر مفجع، مفاده أن الكويت أُحتلت على حين غرة، فبات أهلها إما تحت حكم الاحتلال، أو ضيوفاً في دول الجوار، وعم الخراب والنهب أوصالها، لذا دُقت أجراس الخطر على المنطقة، فنادى منادي الوطن للتكاتف والذود عن ثراه، فما كان من رجاله شباباً وشيباً إلا أن هبوا مشمرين عن سواعد العز والفداء، ورافعين رايات التضحية ورد الجميل.

وفي صورة تلاحم وطني قل نظيره، امتزجت فيه ألوان الانتماءات القبلية والمناطقية ليشكلوا لوناً واحداً وهو الانتماء والولاء للوطن، بروحٍ وعزيمةٍ متوارثة جيلا ً بعد جيل، وبدوافع نبعت من كل بيت إماراتي، حرصت فيه الأسر لتهيأة أبنائها لهذا اليوم الذي ترفع فيه رايات الدفاع عن ثرا الوطن.

فقد جاؤوا أفواجاً إلى مراكز التجنيد، وبأعداد فاقت الطاقة الاستيعابية، ومع ذلك لم يقبل ذلك الشاب اليافع فكرة عدم بلوغه سن القبول في شرف التطوع للدفاع عن الوطن، ولم يتوانى في استخدام كل حيلةٍ تمكنه من مراده، ولكن دون جدوى فشهادة الميلاد تثبت عمره الحقيقي بما لا يدع مجالاً للشك.

وبعد عودته إلى المنزل أصرت أسرته على تنفيذ رغبته، من خلال الاستعانة بالمعارف والأقارب حتى كان لهم ما أرادوا، والتحق اليافع بأفواج الرجال، فلم يمنعه عمره الصغير من أداء واجبه الوطني، ولم يستسلم وعائلته للرفض الذي فرض عليه لمراتٍ عديدة، فأثبت بذلك أصالة تربيته الوطنية، وروح الانتماء الحقيقية لتراب هذه الأرض الطيبة والمعطاءة.

وفي لحظة استلامه الملابس العسكرية لم يسلم من نظرات الاستغراب والدهشة من زملاء يكبرونه بعدة أعوام، ولم يستطع المسؤول عن توزيع الملابس ايجاد المقاس المناسب له، لذا استلم أصغر مقاس متوفر، والذي كان أكبر بكثير من مقاس جسمه الصغير، هذا ما اكتشفه عند تجربته ارتداءها في المنزل، وفي جوٍ امتزجت فيه ضحكات الأطفال البريئة لطرافة المنظر، بنظرات الاعتزاز والتأثر التي بانت على محيا الوالدين.

لم يرفع هذا اليافع وذووه شعارات وطنية براقة، بل أطلقوا المعنى الحقيقي للوطنية في اللحظة الحقيقية، وبفعلهم لا بقولهم أثبتوا للقاصي والداني معدن هذا الشعب المخلص والمضحي بالروح من أجل الوطن.

فالوطنية الحقيقية ليست شعارات رنانة بل أفعال وتضحيات تفدي الوطن بالغالي والنفيس، والتربية الوطنية ليست أسماءاً وحروفاً تُحفظ كي تنسى فيما بعد، بل معاني ومباديء تُغرس في نفوس الأجيال كي ُتُحصد حباً للوطن تتنوع أشكاله وأساليبه من شخص لآخر.

الوطنية إحساسٌ وشعورٌ يكبران فينا ومعنا، ويلازماننا أينما كنا، فهي الإخلاص والمثابرة في العمل، وهي التضحية بأي صورة كانت من أجل رفعة الوطن أو لأجل الدفاع عنه، وهي روح المحبة الراسخة بين أبنائها، وهي القوة الرادعة والحصن الحصين ضد مؤامرات المتآمرين ومكرهم.

أتشرف بتعليقاتكم ومقترحاتكم

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه:
close-alt close collapse comment ellipsis expand gallery heart lock menu next pinned previous reply search share star