20120530-215403.jpg

عندما أطالع ألبوم صوري القديمة، تسرح بي الذكريات عند كل صورة وماهية قصتها، فالمكان والزمان يحكيان الكثير.

علاوة على هيئتنا، وملابسنا التي كنا نرتديها، وطريقة النظر إلى الكاميرا، أمور تجعلنا نسخر منها، في المقابل نجد ما يجعلنا نغبطها، عندما تحدثنا تلك الصور عن رشاقة وتناسق قوامنا.

انعكست تلك الصور على حياتي الخاصة، فقد كنت رشيقاً نحيفاً، أمارس الرياضة، وأقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام.

بدأت معاناتي في الجامعة، عندما لاحظت ذلك البروز في البطن، والذي أخذ بالتمدد، وأقصد “الكرش”، غريب المنظر، مُذهب الفطنة، مُهبط العزائم، مُعكر المزاج.

كان لذلك أسبابه، أولها تلك الوجبات السريعة التي استحدثت في حياتي، والمشروبات الغازية التي كلما شربتها، طلبها جسمي مرة أخرى، لوجود “الكافيين”.

كما كنت أحب الجلوس على “الصينية”، بينما تغوص يدي لأبعد مسافة فيها، محدثةً حفراً عميقةً، وقاضيةً على كل ما أمامها، كما كنت أطيل السهر، وأؤخر العَشاء إلى ساعةٍ متأخرة من الليل.

بالتوازي مع تقليلي من ممارسة الرياضة، والتنقل بالسيارة، حتى المسجد القريب والبقالة أذهب إليهما راكباً، وكنت أجلس لساعات ليست بالقليلة أمام التلفاز أو الكمبيوتر دون حراك.

أسهم ذلك في ظهور هذا الكرش، الذي جعلني أبدو أكبر من سني بكثير، وأفقدني جاذبيتي المعهودة، فلم أعد ألفت الأنظار، ولا أسلب الألباب.

لذا قررتُ القضاء على هذا الكائن الغريب، بمساعدة أعز الأصدقاء، وذلك بممارسة الرياضة، فكانت أفضل طريقة هي الالتحاق بصالةٍ رياضيةٍ، نقضي فيها وقتاً مطولاً، نمارس الجري، ونركب الدراجة، ونستخدم الأجهزة.

رحب بنا المدرب وأوصانا بأخذ “البروتين” وإن لزم الأمر فعلينا بإبر “الهرمونات”، وكل ذلك حتى نكتسب جسماً كجسمه المقسم، عندها قلت له: أريد إخفاء الكرش، وتخفيف الوزن، ولا شيء غير ذلك.

بدأنا تماريننا اليومية، ولم يكترث لنا المدرب، فلم نكن مصدر كسب وافر، فلا اشترينا “بروتيناً” ولا تعاطينا “هرمونا”، وأهم أثر تركته الصالة فينا هو مشية المدرب، وكأنه رجل آلي، ومنظر ذلك الشاب النحيف الذي جاء ليبني العضلات ويقسمها، وفي كل مرة ينتهي من تمرين معين، إذا به يقف أمام المرآة متأكداً من استفادته ونمو شيء من عضلاته.

تركتُ الصالة، وعدتُ إلى ما كنت عليه من عادات سيئة، ولازال ذلك الكرش البارز يسبب لي أرقاً مزمناً، وبعد سنين قررت أن أعمل ريجيم، فبحثت في الشبكة العنكبوتية، عن أنواعه، وخبرة من جرب.

وجدت عجب العجاب، ريجيم الماء، والريجيم الكيماوي، وريجيم الفواكه، وريجيم البيض، وريجيم الشوربة، وكلها كانت مقيدة بوجبات معينة وحسب جدول مطول، فلم ألتفت لها لأنني لا أحب التقيد.

ومن الأنواع التي وجدتها، كان ريجيم “الدشتي” أو “أتكنز”، والذي وجدت فيه ضالتي، فلا يوجد تقييد بجدول يومي، فهو باختصار عبارة عن ترك الكربوهيدرات، والمجال مفتوح لأكل البروتينات.

توكلت على الله، مبتدأً هذا النوع، أتذكر لحظات الأسبوع الأول، وكيف كانت معاناة لأبعد الحدود، لدرجة أني لم أكن أرى في المنام والأحلام، غير الولائم والموائد الفاخرة، وكانت أمنيتي الوحيدة أن يأتي ذلك اليوم الذي أذهب فيه إلى مطعمي المفضل، وأطلب وجبتي المعتادة، متحرراً من قيود الريجيم، ولكني صبرت والتزمت بقواعده تماماً، وكنت أمشي يومياً لمدة ساعة كاملة.

كانت النتائج سريعة ومذهلة، فقد نقص وزني عشرة كيلوات تقريباً، خلال شهرين، فكانت كفيلة بأن تدخل السرور والثقة بالنفس، وعادت لي هيبتي المفقودة، وعنفوانيتي المشهودة.

عندها تسللت القناعة، وحب الراحة، فعدت لعادتي القديمة، من أكل ونمط حياة، فعاد الكرش أكبر من حجمه القديم.

سمعت عن ربط المعدة وشطرها، والغاءها بتحويل المسار، فلقد رأيت عدد من الأصدقاء ذوي الأوزان الثقيلة، وقد أقدموا على تلك العمليات، فكانت النتائج مبهرة.

قال لي أحدهم وقد خسر عشرين كيلو من وزنه: لقد مررتُ بمراحل خطيرة، كدتُ في أحدها أن أفارق الحياة لولا لطف الله، وقال: لقد غدت معدتي أصغر من كف اليد، فلا تستوعب إلا عدة لقمات بالملعقة، فإن زدت واحدة، تقيأتُ كل ما أكلت.

أشفقت على حال الصديق، فقد حرم نفسه نهائيا من لذة الطعام، من أجل هذا القوام الرشيق، وكأنه في سجنه الانفرادي، و يمنعه قيده من الحراك.

لم ترقى لي الفكرة، فبحثتُ عن أفكارٍ جديدة، حتى وصلت لاختراع جديد، يصلح للحد من كثرة الأكل ويساعد في إنقاص الوزن سريعاً.

انه الربط الذهني، وأقصد: ربط عدد اللقمات التي نأكلها برقم معين لا نتجاوزه نهائياً، وقد فعلت، حيث وقع اختياري على الرقم “خمسة”.

فقبل البدء بالأكل، يبدأ منبهي الذهني بالعد التنازلي، حتى أصل للقمة الخامسة، عندها يطلب مني التوقف، فأقف استجابةً لنداء الرشاقة.

والحقيقة ان هذا الأسلوب أجبرني على أمرٍ كنت أغفله سابقاً وهو المضغ الجيد، وفي وقتٍ كافٍ، فتحديد عدد اللقمات مسبقاً، يجعل لكلٍ منها أهمية خاصة، فتأخذ حقها الكامل في المضغ والهضم، وبالتالي الحد من الشراهة والإفراط فى الطعام، وأعجبتي عبارة قرأتها ويا ليتها تكون شعار لنا: “امضغ شرابك، واشرب طعامك”.

أكملت الشهر الثاني وأنا استخدم هذا المنبه، وقد نجحت في إنقاص خمسة كيلوات، وفي المقابل لم أحرم نفسي من أي نوع من أنواع الطعام، ولا توجد جداول مطولة، ولا أكلات خاصة، أأكل ما أشاء من الطعام، وألتزم بوجباتي الثلاث.

أتمنى أن يكون هذا الريجيم أسلوب حياة لي، وهذا ما أسعى له جاهداً، فبالقناعة أولاً، ومع العزيمة يمكننا التغلب على عاداتنا الغذائية السيئة، والتي تكمن في الكمية التي نأكلها، والوقت المثالي للمضغ والهضم، ولا أنسى هنا أهمية الحركة، على الأقل نصف ساعة يومياً.

(ودمتم رُشقاء)